فكر بطريقة بسيطة غير معقدة
- واجه رواد الفضاء الأمريكيون صعوبة في الكتابة نظرا ً لانعدام الجاذبية وعدم نزول الحبر إلى رأس القلم ! للتغلب على هذه المشكلة أنفقت وكالة الفضاء الأمريكية ملايين الدولارات على بحوث استغرقت عدة سنوات لتتمكن في النهاية من إنتاج قلم يكتب في الفضاء وتحت الماء وعلى أرق الأسطح وأصلبها وفي أي اتجاه . بالمقابل تمكن رواد الفضاء الروس من التغلب على نفس المشكلة باستخدام قلم رصاص ! .
- وذات مرة تلقت شركة صناعة صابون يابانية شكوى من عملائها لأن بعض العبوات خالية ، فاقترح مهندسو المصنع تصميم جهاز يعمل بأشعة الليزر لاكتشاف العبوات الخالية أثناء مرورها على سير التعبئة وسحبها آليا إذا كانت خالية . وقد كان الحل مناسبا رغم تكلفته .
بالمقابل وضع أحد عمال التغليف في المصنع مروحة كبيرة بدلا من جهاز الليزر ، ووجه هواءها إلى السير الذي تمر عليه عبوات الصابون حتى تطير العبوات الفارغة قبل وصولها إلى صناديق التعبئة .
***********
هناك قانون في علم النفس يقول بأنه اذا شكل المرء في ذهنه صورة لما يود ان يفعله ,ثم احتفظ بهذه الصوره وتعلق بها لفتره طويله بما يكفي ,فانه يتحول الى ماتخيله تماما"
-ويليام جيمس-
حدث ذات مره ان كانت امراه تبلغ الثلاثين من العمر تقريبا,متزوجه وام لطفلين- ومثل اشخاص كثيرين نشأت في منزل يوجه لها فيه الانتقاد الدائم وغالبا ماتعامل بقسوه من قبل والديها .ونتيجه لذلك ,ترسخت لديها مشاعر عميقه من الدونيه وعدم تقدير الذات .كانت تتسم بالسلبيه والاحساس بالخوف فاقده للثقه بنفسها على الاطلاق ,خجوله تتوارى عن اعين الاهتمام ,ولاتعد نفسها تتحلى بقيمه خاصة او جداره ما… شعرت بأنها في الحقيقه تفتقر الى ايه موهبه.
وبينما تقود سيارتها بالطريق الى المتجر عبرت سياره اخرى الاشاره الحمراء واصطدمت بها اصطداما عنيفا.عندما استيقظت وجدت نفسها في المستشفى مصابه بارتجاج طفيف في المخ وفقدان كامل للذاكره وكانت لاتزال قادره على التحدث,لكنها نسيت تفاصيل حياتها الماضيه لقد فقدت ذاكرتها تماما.
في البدايه,اعتقد الاطباء انه سيكون امرا مؤقتا ,لكن الاسابيع مرت دون ان يرجع اليها أي اثر من ذاكرتها- زارها زوجها واطفالها يوميا,لكنها لم تتعرف عليهم .كانت الحاله نادره تماما حتى ان اطباء واختصاصيين آخرين اتوا لمعاينتها كذلك, لفحصها وطرح الاسئله عليها بشأن حالتها.
البداية الجديدة
عادت الى منزلها في نهايه الامر وذاكرتها خاليه تماما.ولكنها عقدت العزم على فهم ماحدث لها,فاخذت تقرأ الكتب الطبيه وتدرس جانب التخصص في فقدان الذاكره بانواعه.التقت بمختصين في هذا المجال وتحدثت اليهم.
ثم وضعت في النهايه ورقه بحثيه عن حالتها- ولم يمض وقت طويل ,حتى دعيت للتحدث في مؤتمر طبي لكي تعرض بحثها,لتجيب عن التساؤلات الخاصه بحاله فقدان الذاكره الخاص بها,وتتقاسم مع الاخرين خبراتها وافكارها حول علم وظائف الاعصاب.
خلال هذه الفتره حدث امر مدهش لقد صارت شخصا جديدا تماما كل ذلك الاهتمام الذي حظيت به في المستشفى وفيما تلا ذلك جعلها تشعر بقيمتها واهميتها, وبانها محبوبه حقا من عائلتها ثم جاء الاهتمام والترحيب الذي استقبلها به الاطباء المتخصصون فمدها بقدر اعلى من تقدير الذات واحترامها
اصبحت ايجابيه بشكل فريد, وذات ثقه بنفسها,ولطيفه المعشر وفصيحه اللسان, ومثقفه الفكر, وكثيرا ماتطلب كمتحدثه وحجه في الحقل الطبي…
لقد انمحت كل ذكريات طفولتها السلبيه, كما اختفى كذلك شعورها بالدونيه
لقد صارت شخصا جديدا, فغيرت طريقه تفكيرها وغيرت حياتها…
الصفحه البيضاء
كان الفيلسوف الاسكتلندي"ديفيد هيوم"هو اول من اقترح فكره الصفحه البيضاء وتقول هذه النظريه: ان كل شخص يأتي الى هذا العالم بلا ايه افكار وآراء على الاطلاق, وكل مايفكر به الشخص او يشعره يكون مكتسبا منذ مرحله الطفوله فصاعدا وبما ان عقل الطفل يكون صفحه بيضاء فان كل ما يمر به من اشخاص وتجارب تترك علامه لديه يصبح الشخص البالغ ماهو الا الاجمالي الكلي لكل ماتعمله وشعر به ومر به من تجارب خلال نموه ومايقوم به الراشدون فيما بعد,ومايصيرون اليه هو محصله هذا التاهيل والتكييف المبكر.
وكما كتب"ارسطو""ايا كان ما يتأثر به الفرد يعبر عنه "
لعل اعظم اكتشاف عن طبيعه البشريه خلال القرن العشرين كان اكتشاف صوره الذات ومفاد هذه الفكره ان كل شخص يكتسب مجموعه من المفاهيم بشأن ذاته انطلاقا من لحظه مولده وتتحول صورتك عن ذاتك تلك عندئذ الى البرنامج المهيمن للكمبيوتر اللاواعي في ذهنك ليحدد كل شي يجول في عقلك , كل ماتقوله وماتشعر به وتقوم به لهذا السبب , فان كل تغيير يجري في حياتك الخارجيه يبدأ بتغيير في الصوره الذاتيه للانسان ,أي انه يبدأ بتغيير في الطريقه التي تفكر بها ومشاعرك حيال ذاتك وعالمك.
يولد الطفل دون أي صوره للذات على الاطلاق .وكشخص راشد فان كل مالديك من افكار وآراء ومشاعر ومواقف نفسيه قد اكتسبتها من الطفوله
كل ما انت عليه اليوم هو محصله فكره او انطباع اتخذته وتقبلته كحقيقه وعندما تؤمن بأن شيئا ماحقيقه, فانه يتحول الى حقيقه بالنسبة لك,ايا كانت تلك المسأله ومدى صدقها" فانت لست ماتظن انك عليه, ولكن كما تفكر فيه تكونه"
الانطباعات الاولى تدوم
اذا نشأت تحت جناح والدين حريصين دائما على اخبارك بانك شخص جيد, واحباك وشجعاك, وسانداك, وامنا بك, مهما كان ماقمت به او مالم تقم به , ستكبر مع اعتقاد انك شخص جيد وله قيمته .
وفي سن الثلاث سنوات سوف يترسخ هذا الاعتقاد ليصبح جانبا اساسيا للطريقه التي تنظر بها وفي صلتك بالعالم وفيما بعد, ومهما كان يحدث لك,ستظل متشبثا بهذا الاعتقاد اي انه يصير حقيقتك الواقعه.
واذا نشأت لابوين لايعرفان مدى تأثير كلماتهما وسلوكياتهما عليك, وقدرة هذه الاشياء على تشكيل شخصيتك, فلابد انهما قد لجآ الى الانتقاد الهدام, وابداء عدم الرضا, والعقاب البدني والنفسي من اجل ترويضك او التحكم بك.
عندما يتعرض الطفل للانتقاد باستمرار في سن مبكره, وسرعان مايستنتج ان ثمه مايسوء في شخصيته…انه لايدرك لماذا يتم انتقاده او عقابه, ولكنه يفترض ان والديه يعرفان حقيقته,وانه يستحق هذا ثم يبدأ في الشعور بانه لايستحق الحب والتقدير, وانه قليل الاهميه بل لابد انه لاقيمه له على الاطلاق.
تكاد تكون كل المشكلات المرتبطه بالشخصيه في مرحله المراهقه والنضج تضرب بجذورها فيما يشير اليه علماء النفس بالامتناع عن تقديم الحب
.ان حاجه الطفل الى الحب مثل حاجه الورود الى المطر عندما يشعر الاطفال بانهم غير محبوبين, يجتاحهم عدم الامان والخوف يفكرون قائلين:"لست جيدا بما يكفي"ويبدأون في الانهماك في سلوكيات تعويضيه من اجل التعويض عن توترهم الداخلي هذا, يتبدى هذا الاحساس بافتقاد الحب في إساءه السلوك ومشكلات الشخصيه, ونوبات الهياج والغضب, والاحباط, واليأس, وانعدام الطموح, ومشكلات التواصل مع الاشخاص والعلاقات.
وللحديث بقية للدكتور محمد السيد
كاتب ومحاضر في التنمية البشرية